(لا تشد) نفيٌ بمعنى النَّهي؛ لكونه أبلَغُ من صَريح النَّهي، أي: كأَنَّه واقعٌ بالامتثال له.
(الرحال) جمع رَحْلٍ، وهو للبَعير أصغَرُ من القَتَب، كنَّى بذلك عن السفَر؛ لأنه لازِمُه.
(إلا إلى ثلاثة) الاستِثناء مُفرَّغٌ، والمراد: لا تُشَدُّ لمسجدٍ إلا لهذه الثلاثة، لا أن المُراد: لا سفَر إلا لها، ولا زيارة لإبراهيم -عليه السلام- ولا لغيره من الأنبياء، ولا لغير ذلك من الأَسفار، ويَدلُّ على ذلك السِّياق؛ لأنَّ المقدَّر في المُفرَّغ يقدَّر مُناسِبًا للمستثنى معنى ووصفًا، نحو: ما رأيتُ إلا زيدًا، يقدَّر: ما رأيتُ رجلًا أو إنسانًا، ولا يقدَّر حيوانًا أو نحوه، وقد وقَع في هذه المسألة مُناظراتٌ في البلاد الشاميَّة، وصُنِّف فيها رسائل من الطرَفين.
(المسجد الحرام) بدَلٌ من ثلاثة، وفي بعضها بالرفْع خبر مبتدأ محذوفٍ، وهو يُطلَق إما على الكعبة نحو: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144]، أو مكة نحو: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء:1]، أو الحرَم نحو: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28]، أو نفْس المَسجِد، وهو المراد في الحديث.
(الرسول)؛ أي: سيدنا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -، فاللام للعَهْد، ولم يَقُل: مسجدي؛ لقصْد تعظيمه، وتعليل التَّعظيم، كقول الخليفة: أميرُ المُؤمنين يَرسُم لك بكذا، مكان: أنا أَرسمُ.