أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَإِنَّ الْوَادِيَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمِي يَسِيلُ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ، فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ، فَوَدِدْتُ أَنَّكَ تأْتِي فَتُصَلِّي مِنْ بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "سَأَفْعَلُ"، فَغَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِس حَتَّى قَالَ: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ "، فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ أصُلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ، فَصَلَّى رَكعَتَيْنِ، ثُمَ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ، فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزِيرٍ يُصْنَعُ لَهُ، فَسَمِعَ أَهْلُ الدَّارِ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بَيْتِي، فَثَابَ رِجَالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ في الْبَيْتِ، فَقَالَ رَجُل مِنْهُمْ: مَا فَعَلَ مَالِكٌ؟ لَا أَرَاهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: ذَاكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَقُلْ ذَاكَ، أَلَا تَرَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ"، فَقَالَ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، أَمَّا نَحْنُ فَوَاللهِ لَا نَرَى وُدَّهُ وَلَا حَدِيثَهُ إِلَّا إِلَى الْمُنَافِقِينَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِنَّ الله قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ".
قَالَ مَحْمُودٌ: فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا فِيهِمْ أَبو أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَتهِ الَّتِي تُوُفِي فِيهَا، وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَيْهِمْ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَأَنْكَرَهَا عَلَيَّ أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ: وَاللهِ مَا أَظُنُّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَا قُلْتَ قَطُّ، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيَّ، فَجَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ سَلَّمَنِي حَتَّى أَقْفُلَ مِنْ غَزْوَتِي أَنْ أَسْأَلَ عَنْهَا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ - رضي الله عنه - إِنْ وَجَدْتُهُ حَيًّا في مَسْجدِ