وَتَصَدَّقُوا"، ثُمَّ قَالَ: "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا".
"أغير" هو في الأصل من الغَيرة، وهي الحَمِيَّة، فيقال: غار على أهله؛ أي: أخذتْهُ الحميَّةُ عليهم، ونَسْبَتُهُ إلى الله تعالى مجازٌ.
قال ابنُ فُوْرَك: المراد به الزَّجر والتحريم، ولهذا جاء (ومِنْ غَيرته حَرَّم الفواحش).
قال (ك): محمولٌ على غاية إظهار غضبِه على الزاني استعارة مصرحة تَبَعِيَّة، شبَّه حالةَ ما يفعله الله تعالى مع عبده الزاني من الزجر والتعزير، وقيل: المعنى: ليس أحدٌ أمنع للمعاصي من الله، ولا أشد كراهةً لها منه، ويجوزُ في (أغير) الرفع على أن (ما) تميمية، فهو خبر المبتدأ الذي هو (أحد)، والنصب على أنها حجازية، و (من) زائدة مؤكِّدة، فيكون (أغير) خبرها، ويجوز أن تكون فتحة (أغير) علامة الجر فيه، لكونه صفة للمجرور باعتبار اللفظ، والخبر محذوف؛ أي: موجود، ويجوز في الرفع أن يكون (أغير) صفة لـ (أحد) باعتبار محلِّه، والخبر محذوف.
"أن يزني"؛ أي: من أن، فحذف الجار، وهو متعلق بـ (أغير)، ووجهُ تعلُّقِ الكلام بما قبلَه: أنه لمَّا خَوَّف أمتَه من الكسوف وحَرَّضهم على الالتجاء إلى الله تعالى بالخيرات أرادَ التعرُّضَ للأهل والزوج اللذَين أصلُ الغيرةِ أن تكونَ فيهما.