أمهاتُ الأمور، لأنها إما أنْ تتعلَّق بالآخرة وهو علم الساعة، أو بالدنيا بالجمادات وأشير إليه بالغَيث، أو بالحيوان في مبدأه وهو ما في الأرحام، أو معاشِه وهو الكَسب، أو معاده وهو الموت؛ نعم لم يصرِّح في الحديث بعلم الساعة كما صرَّح في الآية لشُمول علمِ ما في الغدِ له.

"نفس" عبَّر في هذا وفيما بعدَه بـ (نفس)، وفي الثلاثة الأخرى بلفظ: (أحد)، لأنَّ النَّفسَ هي الكاسبة، وهي التي تموت، قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38]، وقال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} [الزمر: 42]، فلو عبَّر بـ (أحد) لاحتمل أنْ يفهم منه: لا يعلم أحد ماذا تكسِبُ نفسُه، أو بأيِّ أرضٍ تموت نفسُه، فتفوتُ المبالغة بنفي علم النفسِ أحوالها، فكيف غيرها.

"وما تدري" الدِّراية أخصُّ من العلم، لأنها علمٌ باحتيال؛ أي: لا تَعْلَم وإن علمت حيلتها، وإنَّما ذَكَر نفي العلم في: {مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [القمان: 34]، ولفظ القرآن: {وَمَا تَدْرِي}، لإرادة زيادة المبالغة؛ إذ نفي الأعم يستلزمُ نفيَ الأخصِّ بلا عكس.

قال (ط): في الحديث: إبطالُ دعوى المنجِّمين عِلْمَ ما أخبرَ اللهُ بانفراده في علمه، فمنِ اعتقدَ ذلك فقد كَذَّب اللهَ ورسولَه؛ فيكفُر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015