عن ابن عباس: (أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شهرًا مُتتابعًا بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على رِعْلٍ ...) إلى آخره، فالتكذيب على هذا في قوله: (إنه بعدَ ركوعِ جميع الصلوات)؛ نعم قبلَه وإن كان نصًّا في أنه قبل الركوع، لكن كان في بعض الأوقات، وفي بعضها بعد، فَنُقِلَ الأمران، إلا أنَّ الشافعي رجح بعد ليطابق حديث أبي هريرة الآتي، أو أنه لمَّا تعارض حديثُ محمد وعاصم عن أنس تَساقَطا، وعَمِلَ بحديث أبي هريرة، وأما وقوعُ ذلك في الدعاء على الكفار، فيقاس عليه الدعاء للمسلمين إذ لا فارق.

قال (ط): إن القنوت عند مالك وأحمد قبلَ الركوع، والشافعيِّ بعدَه، وذلك في الصبح مطلقًا، وفي غيرها للنازلة، وعن أنسٍ فعلُه قبلُ وبعدُ، وقال الكوفيون: لا قنوتَ إلا في الوتر.

قال الطبري: صح قنوتُه على قَتَلة القُرَّاء شهرًا أو أكثر في كلِّ صلاة مكتوبة، وصحَّ أنه لم يَزَلْ يَقْنُتُ في الصبح حتى فارق الدنيا، فإن نزل نازلة حَسُنَ القنوتُ في الصلوات، وإلا ففي الصبح، ومن اختار القنوت قبل الركوع قال: ليدرك المستيقظ من النوم الركعة التي تُدرك بها الصلاة، ولذلك كان الوقوف في الصبح أطول، قال: ووجهُ قولِ أنس: (كذب)؛ أي: إن كان قال: القنوت أبدًا بعد الركوع.

وقال بعضهم: يُجمع بين الأمرين بأن حديث أنس بعد الركوع في المكتوبات كالصبح، وحديثُ قبل الركوع في الوتر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015