نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقْبَلَتْ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعَامًا، فَالْتَفَتُوا إِلَيْهَا حَتَّى مَا بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}.
"عِير" بكسر العين.
قال في "الكشاف": هي الإبلُ التي عليها الأحمالُ، لأنها تُعِير، أي: تَذهبُ وتَجِيء، وقيل: أصلُها قافلةُ الحمير، ثم استُعملت في كلَّ قافلة، فإنها جَمْعُ عَيْر -بفتح العين-، والمراد: أصحاب العِير، وفي "المراسيل" لأبي داود: أن القادم بالتجارة: دِحية، ويقال: المال لعبد الرَّحمن بن عَوف، فإنْ صحَّ فدِحية مسفر عليه.
"إلا اثنا عشر" مرفوع لأنه استثناء مفرَّغ، وفي بعضها: (اثني عشر).
قال (ك): على أن يكونَ الاستثناءُ من الضمير في نفي العائد إلى المصلِّي، أو أنه بُني كثلاثة عشر إلى آخرها؛ أي: على ما ينصب به وهو الياء.
قلت: فيهما نظر! أما الأول فلأنَّ السابقَ من المصلِّين جمعٌ، وضمير الجمع لا يستتر، فإن أراد أن الضميرَ مُفردٌ عاد على البعض، فلا يجوز في العربية مثله مستترًا، وأما الثاني فواضحُ البطلان.
قال: أو الاستثناء محذوف تقديره: ما بقيَ أحدٌ إلا عدد كانوا اثنا عشر. ولا يخفى رِكَّة الآخر وضعفُه، وفي "مسلم": أن في الاثني