(باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعدُ)، بضم الدال على البناء لنية الإضافة كسائر الغايات، و (أمَّا) -وإن كانت لا بد لها من (أمَّا) أخرى تعادلها- فوقوعها في الخُطَب والرسائل ونحوها بدون ذلك إما بتقديره فيما يتقدمها؛ أي: أما الثناء فكذا، وأما بعده فكذا، فيكتفي بذلك عن التصريح بلفظها لقيامه مقامَه.

قلت: ويحتاج حينئذ إلى ادعاء حذف العاطف، فلو قيل: إن ذلك هو الأكثر ومجيئُها بلا تعادل قليلٌ، ومنه هذا = كان أحسن، وهي من أفصح الكلام، وتسمَّى فَصْلَ الخِطاب، وأول مَنْ نطق بها قيل: داود، وهو المراد في قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20]، وقيل: يَعْرُب، وقيل غير ذلك.

"رواه عكرمة" وصله البخاري في آخر الباب.

* * *

922 - وَقَالَ مَحْمُودٌ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ، قُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا؛ أَيْ نعمْ، قَالَتْ: فَأَطَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جِدًّا حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ وَإِلَى جَنْبِي قِرْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَفَتَحْتُهَا فَجَعَلْتُ أَصُبُّ مِنْهَا عَلَى رَأْسِي، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015