هذا، قيل: إنَّما لم يجزم البُخاري به؛ لأنَّه اختصَره، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الاختصار لا يَقتضي التَّمريض، والاستِقراء رادٌّ لهذا.
(ائتموا) الخِطَاب للصَّفِّ الأَوَّل.
(من بعدكم)؛ أي: من بين سائر الصُّفوف، أي: استدلُّوا بأفعالكم على أفعالي، وليس المُراد أنَّ المَأموم يقتدي به غيره، ويحتمل حَمْل الحديث على أنَّ المُراد الائْتِمام به - صلى الله عليه وسلم - في العلم، وأحكام الشريعة، وليتعلَّم التابعون منكم، وكذلك تَبَعُ التَّابعين، وهكذا إلى انقِراض الدُّنْيا.
* * *
713 - حَدَّثَنَا قتيْبةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ فَقَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، وَإنَّهُ مَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ لاَ يُسْمِعُ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، فَقَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ"، فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولي لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُل أَسِيفٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لاَ يُسْمِعُ النَّاسَ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ، قَالَ: "إِنَّكنَّ لأَنتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ"، فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ وَجَدَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَفْسِهِ خِفَّةً، فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، وَرِجْلاَهُ يَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجدَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ