قال (خ): الإفراد هو ما جرَى به العمل في الحرَمين والحِجاز والشَّام واليمَن ومصر والمَغرب إلى أَقصى بلاد الإسلام، ومَذْهب العامَّة تثنيةُ لفْظِ الإقامة إلا مالِكًا، فإنَّه قال بإفرادها في الأشْهَر عنه.
واعلم أنَّ ظاهر أمْرِه الوُجوب، والجمهورُ أنَّه سُنَّةٌ، فيُجاب: الذي للوجوب صيغةُ افعَلْ، لا لفظ: أمَرَ بكذا، لكنَّ الصِّيغة الشَّرعية واجبة في الشَّيء ولو كان نفلًا كالطهارة لصلاة النفْل، أو يُقال: بأنَّه فَرْض كفايةٍ كما هو وجْهٌ عندنا، أو الإجماعُ منَع حَمْله على ظاهره.
قال (ك): واختيار الدُّعاء بالقَول أنَّه كيفيَّة تَعرِض للنَّفَس الضَّروري، والإعلامُ به أسهَل، وعدم الحاجة إلى آية: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: 185]، والحِكْمة في تَثنية الأذان أنّه إعلامٌ للغائبين، وإفرادُ الإقامة؛ لأنَّها إعلامُ الحاضرين، ولئلَّا يَلتبس الإِعلامان على السَّامعين، وإنَّما كرَّر لفظ الإقامة، لأنَّها هي المقصودُ فيها، وأما تكرير: الله أكبر، فهو تثنيةٌ صورةً، ولكنَّه مفردٌ حُكمًا، ولذلك يُستحبُّ أنْ يُقالا بنفَسٍ واحدٍ، ويُقالا في الأذان كذلك مرَّةً ثم مرَّةً.
قال (ع): الأذان كلمةٌ جامعةٌ لعقيدة الإيمان بجمعِ نَوعَيه العقليِّ والنَّقليِّ، وإثباتِ الذَّات وما تستحقُّه من الكمال من الوصف الوجوديِّ والتَّنزيهي، ولفظ: الله أكبر مع اختصارها دالَّةٌ على ما ذكرناه، ثم إثباتُ الوَحدانيَّة، ونَفي الشِّركة، وذلك عُمدة الإيمان، والشَّهادة بالرِّسالة التي هي قاعدة جميع العبادات، وموضعها بعد التَّوحيد؛