قال (ط): إِنكار عُروة على عُمر تأخيرَ الصَّلاة عن الوقْت الأَفضل لا التَّأخير حتَّى خرَج الوقت؛ لأنَّ ذلك مُمتنِعٌ، ولفظة: (يَوْمًا)، يدلُّ على أنَّه كان نادرًا مِن فِعْلِه، وهذه الصَّلاة كانت العصر، يدلُّ عليه: (ولَقَدْ حدَّثتْني عائِشَةُ ...) إلى آخِرهِ.

وفيه المُبادرة بالصَّلاة أولَ الوقْت، ودُخول العُلماء على الأمراء، وإنكارُهم عليهم ما يُخالف السُّنَّة، ومُراجَعة العالِم لطلَب البَيان، والرُّجوعُ عند التَّنازع إلى السُّنَّة، وأنَّ الحُجَّة في الحديث المُسنَد دون المَقطوع؛ فإنَّه لمَّا أسندَه إلى بشير قَنِعَ به.

قال: وهذا الحديث يُعارِض ما رَوَتْ من إمامة جِبْريل له في يَومَين كلَّ صلاةٍ في وقتين؛ لأنَّ من المُحال أن يحتجَّ عليه بذلك مع أنَّ جبريل صلَّى تلك الصَّلاةَ آخرَ وقتها مرَّةً ثانيةً، وإلا لقال له عُمر لا معنى لإنكارك عليَّ، فدلَّ أَنَّ صلاةَ جِبْريل كانتْ في يومٍ واحدٍ في وقتٍ واحدٍ، فلا يُقال صلَّى جِبْريل آخرَ الوقْت إلا بسنَدٍ صحيحٍ، وأما حديث: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال للذي سألَه عن الصُّبح: (مَا بَيْنَ هذَينِ وَقْتٌ)، فذاك على طريق التَّعليم له أنَّ الصَّلاة تَجوزُ آخرَ الوقْت لمَنْ نسِيَ، أو كان له عُذرٌ، ولو كان جبريل صلَّى في الوقتَين وأعلَمَه أنَّهما في الفَضْل سواءٌ لَمَا التزَم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المُداومةَ على أَوَّل الوقْت، فدلَّ مدوامتُه على أوَّل الوقت أنَّه الوقتُ الذي أقامَه جِبْريلُ له.

قال (ن): أما تأخير المُغيرة، وعمر بن عبد العزيز، فلأنَّهما رأَيَا ما قالَه الجمهور من جواز التَّاخير ما لم يَخرج الوقت، أو لم يبلغهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015