وأقبل على الاشتغال، وكان للطلبةِ به نفعٌ، وفي كل سنة يقسِمُ كتابًا من المختصرات فيأتي على آخره، ويعملُ وليمة.

ثم استدعاه النجم بن حِجِّي، وكان رافقه في الطَّلب عند الزَّركشي، فتوجه لدمشق في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين، فأكرمه وأنزله عنده، وجلس فاستنابه في الحكم وفي الخَطابة.

وولي إفتاءَ دارِ العدل عوضًا عن الشهاب الغَزِّي، ثم تدريس الرَّواحية ونظرها عوضًا عن البرهان بن خطيب عذراء، وتدريس الأمينية عوضًا عن العزِّ الحُسْباني، ودرَّس بها بخصوصها يومًا واحدًا.

وعَكَف عليه الطلبة، وأَقْرأ "التنبيه" و "الحاوي" و"المنهاج" كلَّ ذلك في سنة، وغير ذلك، فاشتهرت فضيلتُه.

وقُدِّر أن مات ولدُه محمد فجزع عليه، وكَرِه لذلك الإقامة بدمشق، فزوَّده ابنُ حِجِّي وكتب له إلى معارفه بالقاهرة، فوصلَها في رجب سنة ست وعشرين، وقد اتسعَ حالُه، وتصدَّى للإفتاء والتدريس والتصنيف، وانتفع به خلقٌ بحيث صار طلبتُه رؤوساءَ في حياته، وباشر وظائف الولي العراقيِّ نيابةً عن حفيده، ولبس لذلك تشريفًا، بل كان عُيِّن لتدريس الفقه بالمؤيدية عوضًا عن الحافظ بن حجر فلم يتم، وكذا كان استقرَّ في مشيخة الفخرية ابن أبي الفرج مِنْ واقِفِها، وفي التفسير بالمنصورية، ثم استنزله عنهما ابنُ حِجِّي.

وحجَّ في سنة ثمان وعشرين، وجاور التي بعدها، ونشر العلمَ أيضًا هناك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015