العَطَشِ فَنَزَلَ، فَدَعَا فُلاَنًا -كَانَ يسَمِّيهِ أبو رَجَاءٍ نَسِيَهُ عَوفٌ- وَدَعَا عَلِيًّا فَقَالَ: (اذْهَبَا فَابْتَغِيَا المَاءَ)، فَانْطَلَقَا فتلَقَّيَا امْرَأةً بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ -أَوْ سَطِيحَتَيْنِ- مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، فَقَالاَ لَهَا: أَيْنَ المَاءُ؟ قَالَتْ: عَهْدِي بِالمَاءَ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَنَفَرُناَ خُلُوفًا، قَالاَ لَهَا: انْطَلِقِي إِذًا، قَالَتْ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالاَ: إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتِ: الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ، قَالاَ: هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ فَانْطَلِقِي، فَجَاءَا بِهَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثَاهُ الحَدِيثَ قَالَ: فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا، وَدَعَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بإناَءٍ، فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ المَزَادَتَيْنِ -أَوِ سطِيحَتَيْنِ- وَأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا، وَأَطْلَقَ العَزَالِيَ، وَنُودِيَ فِي النَّاسِ: اسْقُوا وَاسْتَقُوا، فَسَقَى مَنْ شَاءَ، وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ، وَكَانَ آخِرَ ذَاكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الجَنَابَةُ إِناَء مِنْ مَاءٍ قَالَ: (اذْهَبْ، فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ)، وَهْيَ قَائِمَةٌ تنظُرُ إلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا، وَايْمُ اللهِ! لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا، وإنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (اجْمَعُوا لَهَا)، فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدقيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ، حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا، فَجَعَلُوهَا فِي ثَوْبٍ، وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا، وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا، قَالَ لَهَا: (تَعْلَمِينَ مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي أَسْقَاناَ)، فَأَتَتْ أَهْلَهَا، وَقَدِ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ، قَالُوا: مَا حَبَسَكِ يَا فُلاَنة؟ قَالَتِ: العَجَبُ، لَقِيَني رَجُلاَنِ فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ، فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَوَاللهِ! إِنَّهُ لأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ، وَقَالَتْ بِإِصْبَعَيْهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015