عنب فقلت له ما معك فقال خمر وهذا هكذا مجازه عند أهل العربية أن العرب قد تسمي الشيء باسم الشيء إذا جاوره أو ناسبه أو اتصل به أو آلت إليه عاقبته فقد زعم من لا علم له بالعربية ومعرفة أساليبها وأتساع العرب فيها أن الخمر هاهنا هو العنب نفسه ضعفا منه عن تخريج وجهه من كلام الفصحاء منهم وإلحاقه بما يعرفون الخطاب به ولو كان هذا جائزا في اللغة لكان من أكل العنب قد أتى ما حظره الله عليه من تحريم الخمر، وقد خاطب الله تعالى ذكره العرب وأصحاب النبي بذلك فعقلوه المراد به ولم يحمل عن أحد منهم أن المراد بالتحريم العنب والإجماع على هذا يدل على فساد ما ذهب إليه هذا القائل بهذه المقالة ومن لام العاقبة قول الشاعر وهو سابق البربري:
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ... ودورنا لخراب الدهر نبنيها
وهم لا يجمعون المال للوارث ولا يبنون الدور للخراب ولكن لما كانت عاقبة أمرهم إلى ذلك جاز أن يقال فيه ما ذكرنا، ومن ذلك قول الآخر:
لا يبعد الله رب الأنام ... والملح ما ولدت خالده
هم يطعمون سديف العشار ... والشحم في الليلة البارده