الشَّرْطَانِ، لَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِمْ.
قَالُوا: وَمَعَ وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ يَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ، وتَمَسَّكُوا في ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ، وَالطَّحَاوِيُّ في شَرْحِ مُشْكِلِ الآثَارِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- اسْتَعَانَ بِصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ في قِتَالِ هَوَازِنَ يَوْمَ حُنَيْنٍ (?)، قَالُوا: وَتَعَيَّنَ المَصِيرُ إِلَى هَذَا؛ لِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ فَيَكُونُ مَنْسُوخًا.
كَانَ أَبُو سُفْيَانَ -وَهُوَ رَئيسُ العِيرِ- في غَايَةِ الحِيطَةِ وَالحَذَرِ، فَقَدْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ طَرِيقَ مَكَّةَ مَحْفُوفٌ بِالأَخْطَارِ، وَكَانَ يَتَحَسَّسُ الأَخْبَارَ، وَيَسْأَلُ مَنْ لَقِيَ مِنَ الرُّكْبَانِ، حَتَّى جَاءَهُ الخَبَرُ مِنْ بَعْضِ الرُّكْبَانِ أَنَّ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدِ اسْتَنْفَرَ أصْحَابَهُ لِلْعِيرِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ اسْتَأْجَرَ أَبُو سُفْيَانَ ضَمْضَمَ بنَ عَمْرٍو الغِفَارِيَّ، وَبَعَثَهُ إِلَى مَكَّةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِي قُريْشًا فَيَسْتَنْفِرَهُمْ إِلَى أمْوَالهِمْ، وَيُخْبِرَهُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ عَرَضَ لَهَا في أَصْحَابِهِ، فَخَرَجَ ضَمْضَمُ سَرِيعًا حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَصَرَخَ بِبَطْنِ الوَادِي وَاقِفًا عَلَى بَعِيرِهِ، وَقَدْ جَدَعَ (?) أنْفَ بَعِيرِهِ، وَحَوَّلَ رَحْلَهُ، وَشَقَّ قَمِيصَهُ،