إِذَا تَحَرَّرَ هَذَا الجَمْعُ فَلْيُعْلَمْ أَنَّ الجَمِيعَ لَمْ يَشْهَدُوا القِتَالَ، وإِنَّمَا شَهِدَهُ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتَّةٌ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: أَنَّ أَهْلَ بَدْرٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتَّةِ رِجَالٍ، وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ في طَبَقَاتِهِ: أَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وخَمْسَةً (?)، وكَأَنَّهُ لَمْ يَعُدَّ فِيهِمْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (?).
وَكَانَ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ رِجَالٌ آخَرُونَ مِنْ أكَابِرِ الصَّحَابَةِ مِنَ النُّقَبَاءَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ وَغَيْرِهِمْ بِغَيْرِ عُذْرٍ، لِأنَّهُمْ لَمْ يَظُنُّوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَلْقَى حَرْبًا أَوْ قِتَالًا حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ (?).
خَرَجَ المُسْلِمُونَ إِلَى بَدْرٍ وعَامَّتُهُمْ مُشَاةٌ عَلَى أقْدَامِهِمْ، وَكَانَ مَعَهُمْ سَبْعُونَ بَعِيرًا يَتَعَاقَبُونَهَا كُلُّ ثَلَاثَةٍ عَلَى بَعِيرٍ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَعَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو لُبَابَةَ يَعْتَقِبُونَ بَعِيرًا، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: كُنَّا يَوْمَ بَدْرٍ كُلُّ ثَلَاثَةٍ عَلَى بَعْيرٍ، كَانَ أَبُو لُبَابَةَ (?)، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، زَمِيلَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-،