مِنْهُمْ بِخَبَرٍ، وَقَدْ نَهَانِي أَنْ أَسْتَكْرِهَ أحَدًا مِنْكُمْ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُرِيدُ الشَّهَادَةَ وَيَرْغَبُ فِيهَا فَلْيَنْطَلِقْ، وَمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ فَلْيَرْجعْ، فَأَمَّا أنَا فَمَاضٍ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
فَمَضَى وَمَضَى مَعَهُ أصْحَابُهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَسَلَكَ عَلَى الحِجَازِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِمَعْدِن، فَوْقَ الفُرُعِ، يُقَالُ لَهُ: بُحْرَانِ، أَضَلَّ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وعُتْبَةُ بنُ غَزْوَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بَعِيرًّا لَهُمَا كَانَا يَعْتَقِبَانِهِ، فتَخَلَّفا عَلَيْهِ في طَلَبِهِ.
وَسَارَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ جَحْشٍ -رضي اللَّه عنه- وبَقِيَّةُ أَصْحَابِهِ حَتَّى نَزَلَ نَخْلَةً، فَمَرَّتْ بِهِ عِيرٌ لِقُرَيْشٍ تَحْمِلُ زَبِيبًا (?) وَأُدْمًا (?) وتِجَارَةً مَنْ تِجَارَةِ قُرَيْشٍ، فِيهَا عَمْرُو بنُ الحَضْرَمِيِّ، وَعُثْمَانُ ونَوْفَلُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بنِ المُغِيرَةِ، وَالحَكَمُّ بَنُ كَيْسَانَ مَوْلَى هِشَامِ بنِ المُغِيرَةِ، فَلَمَّا رَآهُمُ القَوْمُ هَابُوهُمْ وأنْكَرُوا أمْرَهُمْ، وَقَدْ نَزَلُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ، فَأَشْرَفَ لَهُمْ عُكَّاشَةُ بنُ مُحْصِنٍ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَ قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ، لِيُطَمْئِنَ القَوْمَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ أَمِنُوا، وَقَالُوا: هُمْ عُمَّارٌ، لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ مِنْهُمْ، فَسَرَّحُوا (?) رِكَابَهُمْ (?)، وَصَنَعُوا طَعَامًا، وَتَشَاوَرَ المُسْلِمُونَ فِيهِمْ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبَ -وهُوَ شَهْرٌ حَرَامٌ- فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَئِنْ تَرَكْتُمُوهُمْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَيَدْخُلَنَّ الحَرَمَ،