وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ في السُّنَنِ الكُبْرَى بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ في القِتَالِ كَمَا أخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (?).

فَكَانَ هَذَا الإِذْنُ بِالقِتَالِ لِإِزَالَةِ البَاطِلِ وَدَحْرِ (?) بَغْيِ وَظُلْمِ قُرَيْشٍ عَنِ المُسْلِمِينَ، ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ الإِذْنِ بِقِتَالِ المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا سَيَأْتِي، وَكَانَ مِنَ الحِكْمَةِ إزَاءَ هَذِهِ الظُّرُوفِ -التِي مَبْعَثُهَا الوَحِيدُ هُوَ قُوَّةُ قُرَيْشٍ وَتَمَرُّدُهَا-، أَنْ يبسُطَ المُسْلِمُونَ سَيْطَرَتَهُمْ عَنْ طَرِيقِ قُرَيْش التِّجَارِيِّ المُؤَدِّيةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الشَّامِ، واخْتَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِبَسْطِ هَذِهِ السَّيْطَرَةِ خُطَّتَيْنِ:

الأُولَى: إرْسَالُ البُعُوثِ والسَّرَايَا، واحِدَةً تِلْوَ الأُخْرَى لِمُهَاجَمَةِ قَوَافِلِ قُرَيْشٍ.

الثَّانِيَةُ: السَّعْيُ إِلَى عَزْلِ قُرَيْشٍ بِالدُّخُولِ فِي مُعَاهَدَاتٍ دِفَاعِيَّةٍ، وعَدَمِ اعْتِدَاءً مَعَ القَبَائِلِ المُحِيطَةِ بِالمَدِينَةِ، وَالتِي تَخْتَرِقُ قَوَافِلُ قُرَيْشٍ أرَاضِيهَا، وَهِيَ فِي طَرِيقِهَا إِلَى الشَّامِ، وَقَدْ عُقِدَتْ مُعَاهَدَاتٌ أثْنَاءَ دَوْرِيَّاتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- العَسْكَرِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015