قَالَ ابنُ إِسْحَاقَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبْلَ بَيْعَةِ العَقَبَةِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الحَرْبِ، وَلَمْ تُحَلَّلْ لَهُ الدِّمَاءُ، إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالدّعَاءَ إِلَى اللَّهِ، وَالصَّبْرِ عَلَى الأَذَى، وَالصَّفْحِ عَنِ الجَاهِلِ، وكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدِ اضْطَهَدَتْ مَنِ اتَّبعَهُ مِنَ المُهَاجِرِينَ حَتَّى فتَنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، ونَفَوْهُمْ مِنْ بِلَادِهِمْ، فَهُمْ مِنْ مَفْتُونٍ فِي دِينِهِ، وَمِنْ مُعَذَّب في أيْدِيهِمْ، وبَيْنَ هَارِبٍ فِي البِلَادِ فِرَارًا مِنْهُمْ، مِنْهُمْ مَنْ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ، ومِنْهُمْ مَنْ بِالمَدِينَةِ، وفِي كُلِّ وَجْهٍ.

فَلَمَّا عَتَتْ قُرَيْشٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ورَدُّوا عَلَيْهِ مَا أرَادَهُمْ بِهِ مِنَ الكَرَامَةِ، وكَذَّبُوا نَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعَذَّبُوا ونَفَوْا مَنْ عَبَدَهُ وَوَحَّدَهُ، وصَدَّقَ نَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، واعْتَصَمَ بِدِينِهِ، أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي القِتَالِ، والِانْتِصَارِ مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَبَغَى عَلَيْهِمْ، فَكَانَتْ أَوَّلَ آيَةٍ أُنْزِلَتْ فِي إِذْنِهِ لِهُ فِي الحَرْبِ، وإحْلَالِهِ لَهُ الدِّمَاءَ، والقِتَالَ، لِمَنْ بَغَى عَلَيْهِمْ، قَوْله تَعَالَى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015