الرَّبَّانِيِّينَ، فَإِنَّ السَّلَفَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ العَالِمَ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى رَبَّانِيًّا (?) حَتَّى يَعْرِفَ الحَقَّ، ويَعْمَلَ بِهِ، ويُعَلِّمَهُ، فَمَنْ عَلِمَ وَعَمِلَ وَعَلَّمَ فَذَاكَ يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ.
إحْدَاهُمَا: جِهَادُهُ عَلَى دَفْعِ مَا يُلْقَى إِلَى العَبْدِ مِنَ الشُّبُهَاتِ والشُّكُوكِ القَادِحَةِ في الإِيمَانِ.
الثَّانِيَةُ: جِهَادُهُ عَلَى دَفْعِ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنَ الإِرَادَاتِ الفَاسِدَةِ والشَّهَوَاتِ.
فَالجِهَادُ الأَوَّلُ: يَكُونُ بَعْدَهُ اليَقِينِ، والثَّانِي بَعْدَهُ الصَّبْرُ. قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (?) فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى أَنَّ إِمَامَةَ الدِّينِ، إِنَّمَا تُنَالُ بِالصَّبْرِ واليَقِينِ، فَالصَّبْرُ يَدْفَعُ الشَّهَوَاتِ وَالإِرَادَاتِ الفَاسِدَةَ، واليَقِينُ يَدْفَعُ الشُّكُوكَ والشُّبُهَاتِ.
بِالقَلْبِ، واللِّسَانِ، والمَالِ، والنَّفْسِ، وجِهَادُ الكُفَّارِ أخَصُّ بِاليَدِ، وجِهَادُ المُنَافِقِينَ أَخَصُّ بِاللِّسَانِ.