فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ، فَضَرَبَ وَجْهَ فِنْحَاصٍ، فَأَخْبَرَ فِنْحَاصٌ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِأَبِي بَكْرٍ: "مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ " فَأْخَبَرُه، فَجَحَدَ ذَلِكَ فِنْحَاصٌ، وَقَالَ: مَا قُلْتُ ذَلِكَ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} (?).
قَالَ ابنُ إسْحَاقٍ: قَالَ كَعْبُ بنُ أَسَدٍ، وابْنُ صَلُوبَا، وعَبْدُ اللَّهِ بنُ صُورِيَا، وشَأْسُ بنُ قَيْسٍ، بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اذْهَبُوا بِنَا إلى مُحَمَّدٍ؛ لَعَلَّنَا نَفْتِنُهُ عَنْ دِينهِ، فَإِنَّمَا هُوَ بَشَرٌ، فَأتوْهُ، فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّا أحْبَارُ (?) يَهْودٍ وأشْرَافُهُمْ وسَادَاتُهُمْ، واَّنا إنِ اتبعناك اتَّبعَتْكَ يَهُودٌ، وَلَمْ يُخَالِفُونَا، وَأَنَّ بَيْنَنَا وبَيْنَ بَعْضِ قَوْمِنَا خُصُومَةٌ، أفنحَاكِمُهُمْ إِلَيْكَ فتَقْضِي لَنَا عَلَيْهِمْ، ونُؤْمِنُ بِكَ ونُصَدِّقُكَ؟ فَأبى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَنْزَلَ اللَّه: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ