أصْنَعُ، فَوَاللَّهِ مَا التَفَتَ إِلَيَّ واحد مِنْهُمَا، مَعَ مَا بِهِمَا مِنَ الغَمِّ. قَالَتْ: وسَمِعْتُ عَمِّي أبَا يَاسِرٍ، وهُوَ يَقُولُ لِأَبِي حييِّ بنِ أخْطَبٍ: أهُوَ هُو؟
قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، قَالَ: أتعْرِفه وتُثْبِتُهُ؟ . قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا في نَفْسِكَ مِنْهُ؟ قَالَ: عَدَاوَتُهُ وَاللَّهِ مَا بَقِيتُ (?).
لَمَّا رَأَى اليَهُودُ انْتِشَارَ الإِسْلَامِ في المَدِينَةِ حَتَّى لَمْ تبقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الأَنْصَارِ إِلَّا أَسْلَمَ أَهْلُهَا، أظْهَرُوا الحِقْدَ والحَسَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونَصَبُوا العَدَاوَةَ له وَلِأَصْحَابِهِ.
وانْضَافَ إِلَيْهِمْ رِجَالٌ مِنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، مِمَّنْ كَانَ عَسَا (?) عَلَى جَاهِلِيَّتهِ، فَكَانُوا أَهْلَ نِفَاقٍ (?) عَلَى دِينِ آبَائِهِمْ مِنَ الشِّرْكَ والتَّكْذِيبِ بِالبَعْثِ، إِلَّا أَنَّ الإِسْلَامَ قَهَرَهُمْ بِظُهُوره، واجْتِمَاعِ قَوْمِهِمْ عَلَيْهِ، فتَظَاهَرُوا بِالإِسْلَامِ، واتَّخَذُوهُ جُنَّةً (?) مِنَ القَتْلِ، ونَافَقُوا في السِّرِّ، وَكَانَ هَوَاهُمْ مَعَ يَهُودٍ لِتَكْذِيبِهِمُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَجُحُودِهِمُ الإِسْلَامَ (?).