أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فنَسَخَ ذَلِكَ الأَنْفَالُ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (?)، ومِنْ طُرُقٍ شَتَّى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ العُلَمَاءَ كَذَلِكَ، وهَذَا هُوَ المُعْتَمَدُ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّسْخُ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ: الأُوْلَى حَيْثُ كَانَ المُعَاقِدُ يَرِثُ وَحْدَهُ دُونَ العَصَبَةِ فنَزَلَتْ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} فَصَارُوا جَمِيعًا يَرِثُونَ، وَعَلَى هَذَا يتَنَزَّلُ حَدِيثُ ابنِ عَبَّاس، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ آيةُ الأَحْزَابِ، وَخُصَّ المِيرَاثُ بِالعَصَبَةِ، وبَقِيَ للمُعَاقِدِ النَّصْرُ والإِرْفَادُ ونَحْوُهُمَا، وَعَلَى هَذَا يتَنَزَّلُ بَقِيَّةُ الآثَارِ (?).
قَالَ الإِمَامُ السُّهَيْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَيْنَ أَصْحَابِهِ حِينَ نَزَلُوا المَدِينَةَ؛ لِيُذْهِبَ عَنْهُمْ وَحْشَةَ الغُرْبَةِ وَيُؤْنِسَهُمْ مِنْ مُفَارَقَةِ الأَهْلِ والعَشِيرَةِ، ويَشُدَّ أَزْرَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، فَلَمَّا عَزَّ الإِسْلَامُ واجْتَمَعَ الشَّمْلُ، وذَهَبَتِ الوَحْشَةُ، أنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (?) أعْنِي في المِيرَاثِ، ثُمَّ جَعَلَ المُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ إِخْوَةً، فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (?) يَعْنِي في التَّوَادِّ وَشُمُولِ الدَّعْوَةِ (?).