وَكَانَتْ امْرَاَةً بَيْضَاءَ جَمِيلَةً، ومِنْ ثَمَّ يُقَالُ لَهَا: الحُمَيْرَاءُ (?)، وَلَمْ يتَزَوَّجِ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِكْرًا غَيْرَهَا، وَلَا أحَبَّ امْرَأَةً حُبَّهَا، وَلَا أعْلَمُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، بَلْ وَلَا فِي النِّسَاءِ مُطْلَقًا، امْرَأَةً أَعْلَمَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ لِلصِّدِّيقَةِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا شَأْوٌ (?) لَا يُلْحَقُ، وأنا وَاقِفٌ فِي أَيِّتِهِمَا أفْضَلُ، نَعَمْ جَزَمْتُ بِأَفْضَلِيَّةِ خَدِيجَةَ عَلَيْهَا لِأُمُورٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهَا (?).
وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِي الطَّنْطَاوِي: هَذِهِ السَّيِّدَةُ لَمْ تَتَخَرَّجْ فِي الجَامِعَةِ، لَمْ تَكُنْ فِي أيَّامِهَا الجَامِعَاتُ، ولَكِنَّهَا كَانَتْ، وَلَا تَزَالُ كَمَا كَانَتْ تُدَرَّسُ آثارُهَا فِي كُلِيَّةِ الآدَابِ، وَتُقْرَأُ فتَاوَاهَا فِي كُلِّيَّاتِ الدِّينِ، . . . امْرَأَةٌ مَلَأَتِ الدُّنْيَا، وَشَغَلَتِ النَّاسَ، عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ.
ذَلِكَ لِأَنَّهُ أُتِيحَ لَهَا مَا لَمْ يُتَحْ لِأَحَدٍ، فَلَقَدْ تَوَلَّاهَا فِي طفولَتِهَا، شَيْخُ المُسْلِمِينَ وأفْضَلُهُمْ، أبُوهَا الصِّدِّيقُ -رضي اللَّه عنه-، ورَعَاهَا فِي شَبَابِهَا خَاتَمُ الرُّسُلِ، وأكْرَمُ البَشَرِ زَوْجُهَا رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-, فَجَمَعَتْ مِنَ العِلْمِ والفَضْلِ والبَيَانِ مَا لَمْ تَجْمَعْ مِثْلَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى.