قَالَ الإِمَامُ القُرْطُبِيُّ: وَقَدْ وَقَعَ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَيَانًا، فَإِنَّهُ وُجِدَ مِنهُمْ -أَيْ أَهْلِ فَارِسَ- مَنِ اشْتَهَرَ ذِكْرُهُ مِنْ حُفَّاظِ الآثارِ وَالعِنَايَةِ بِهَا، مَا لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِيهِ كَثِير مِنْ أَحَدٍ غَيْرِهِمْ (?).
رَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَنسٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْمَدِينَةَ نزلَ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ، فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ: بَنِي عَمْرِو بنِ عَوفِ، فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً (?).
وَقَالَ ابنُ إِسْحَاقَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِقُبَاءَ، فِي بَنِي عَمْرِو بنِ عَوْفٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ: يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَالثُّلَاثاءِ، وَالأَرْبِعَاءِ، وَالخَمِيسِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ اللَّه مِنْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَبَنُو عَمْرِو بنِ عَوْفٍ يَزْعُمُونَ أنَّه مَكَثَ فِيهِمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (?).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: أَنَسٌ -رضي اللَّه عنه- لَيْسَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، فَإِنَّهُمْ مِنَ الأَوْسِ، وَأَنسٌ مِنَ الخَزْرَجِ، وَقَدْ جَزَمَ بِمَا ذَكَرَ فَهُوَ أَوْلَى بِالقَبُولِ مِنْ غَيْرِهِ (?).