* هِجْرَةُ صُهَيْبٍ الرُّومِيِّ -رضي اللَّه عنه-:

لَمَّا أَرَادَ صُهَيْبُ بنُ سِنَانٍ الرُّومِيُّ -رضي اللَّه عنه- الهِجْرَةَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ، صَدَّهُ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالُوا له: أَتَيْتَنَا صُعْلُوكًا حَقِيرًا، فكَثُرَ مَالُكَ عِنْدَنَا، وَبَلَغْتَ الذِي بَلَغْتَ، ثُمَّ تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ بِمَالِكَ وَنَفْسِكَ، وَاللَّهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ صهَيْبٌ -رضي اللَّه عنه-: أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلْتُ لَكُمْ مَالِي أَتُخْلُونَ سَبِيلِي؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي جَعَلْتُ لَكُمْ مَالِي.

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ صُهَيْبٌ -رضي اللَّه عنه-: هَلْ لَكُمْ أَنْ أُعْطِيَكُمْ أَوَاقِي (?) مِنْ ذَهَبٍ، وَتُخْلُونَ سَبِيلِي، وَتُوفُونَ لِي، فَفَعَلُوا، فتَبِعْتُهُمْ إِلَى مَكَّةَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: احْفُرُوا تَحْتَ أَسْكِفَةِ (?) البَابِ، فَإِنَّ تَحْتَهَا الأَوَاقِي.

قَالَ صُهَيْبٌ -رضي اللَّه عنه-: وَخَرَجْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْهَا، يَعْنِي قُبُاءَ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: "يَا أَبَا يَحْيَى! رَبِحَ البَيْعُ" ثَلَاثًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا سَبَقَنِي إِلَيْكَ أَحَدٌ، وَمَا أَخْبَرَكَ إِلَّا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَفيهِ نَزَل قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي (?) نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015