قُلْ لَهُ حَاجَتَكَ؟ فقَالَ لهُ ذَلِكَ التَّرْجُمَانُ، فقَالَ: حَاجَتِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ المَلِكُ مِائَتَيْ بَعِيرٍ أصَابَهَا لِي، فَلَمَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ أبْرَهَةُ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: قَدْ كُنْتَ أعْجَبْتَنِي حِينَ رَأَيْتُكَ، ثُمَّ قَدْ زَهِدْتُ فِيكَ حِينَ كَلَّمْتَنِي، أتُكَلِّمُنِيُ فِي مِائَتَيْ بَعِيرٍ أصَبْتُهَا لكَ وتَتْرُكُ بَيْتًا هُوَ دِينُكَ ودِينُ آبَائِكَ، قَدْ جِئْتُ لِأَهْدِمَهُ، لَا تُكَلِّمُنِي فِيهِ؟

فقَالَ لَهُ عَبْدُ المُطَّلِبِ: إنِّي أنَا رَبُّ الإِبِلِ، وإِنَّ لِلْبَيْتِ رَبًّا سَيَمْنَعُهُ، فَقَالَ أبْرَهَةُ: مَا كَانَ لِيَمْتَنِعَ مِنِّي، قاَل: أنْتَ وذَاكَ.

فَأَمَرَ أبْرَهَةُ أَنْ يُرَدَّ إبِلُ عَبْدِ المُطَّلِبِ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَبَضَهَا قَلَّدَها (?) النِّعَالَ وأشْعَرَهَا (?) وجَعَلَهَا هَدْيًا، وَبَثَّهَا فِي الحَرَمِ كَيْ يُصَابَ مِنْهَا شَيْءٌ فَيَغْضَبَ رَبُّ الحَرَمِ، ثُمَّ قَامَ عَبْدُ المُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ وَيَسْتَنْصِرُهُ، وهُوَ آخِذٌ بِحَلَقَةِ بَابِ الكَعْبَةِ ويَقُولُ:

لَاهُمَّ إِنَّ المَرْءَ يَمْنَعُ رَحْلَهُ ... فَامْنَعْ رِحَالَكْ

لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ ومَحَالُهُمْ ... غَدْوًا مَحَالَكْ

إنْ كُنْتَ تَارِكَهُمْ وقِبْلَتَنَا ... فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكْ

وأشَارَ عَبْدُ المُطَّلِبِ عَلَى قَوْمِهِ بالتَّفَرُّقِ في الشِّعَابِ، والتَّحَرُّزِ في رُؤُوسِ الجِبَالِ، تَخَوُّفًا عَلَيْهِمْ مِنْ مَعَرَّةِ الجَيْشِ (?)؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنْ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِأَبْرَهَةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015