فَرَجَعُوا إِلَى رِحَالهم وَنَامُوا حَتَّى أصبَحُوا (?).
وَلَمَّا قَرَعَ هَذَا الخَبَرُ آذَانَ قُرَيْشٍ وَقَعَتْ فِيهِمْ ضَجَّة أثَارَتِ القَلَاقِلَ وَالأحْزَانَ، لأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى مَعرِفَةٍ تَامَّةٍ مِنْ عَوَاقِبِ مِثْلِ هَذِهِ البَيْعَةِ وَنتائِجِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَمَا إِنْ أَصْبَحُوا حَتَّى تَوَجَّة وَفْدٌ كَبِيرٌ مِنْ زُعَمَاءَ مَكَّةَ وَأَكَابِرِ مُجْرِمِيهَا إِلَى مَنَازِلِ أَهْلِ يَثْرِبَ فِي مِنًى، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الخَزْرَجِ! إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ إِلَى صَاحِبِنَا (?) هَذَا تَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، وَتُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِنَا، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مِنْ حَيٍّ مِنَ العَرَبِ أَبْغَضُ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشُبَ الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مِنْكُمْ (?).
فَانْبَعَثَ مِنْ هُنَاكَ مِنْ مُشْرِكِي الخَزْرَجِ يِحْلِفُونَ بِاللَّهِ: مَا كَانَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، وَمَا عَلِمْنَاهُ، حَتَّى إِنَّهُم -أَيْ زُعَمَاءُ قُرَيْشٍ- أَتوْا عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَذَا بَاطِلٌ، وَمَا كَانَ هَذَا، وَمَا كَانَ قَوْمِي لِيَفْتَاتُوا (?) عَلَيَّ مِثْلَ هَذَا، لَوْ كُنْتُ بِيَثْرِبَ مَا صَنَعَ قَوْمِي هَذَا حَتَّى يُؤَامِرُوني.