وَأَمَّا حَادِثُ الفِيلِ فَهُوَ حَادِثٌ عَظِيمٌ، لَمْ يَحْدُثْ مِثْلُهُ فِي تَارِيخِ العَرَبِ، وكَانَ دلِيلًا عَلَى ظُهُورِ حَادِثٍ أكْبَرَ، وَعَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرِيدُ بِالعَرَبِ خَيْرًا، وَأَنَّ لِلْكَعْبَةِ شَأْنًا لَيْسَ لِغَيْرِهَا مِنْ بُيُوتِ الدُّنْيَا، ومَرَاكِزِ العِبَادَةِ، وقَدْ نِيطَتْ بِهَا رِسَالَةٌ ودَوْرٌ فِي تَارِيخِ الدِّيَانَاتِ، ومَصِيرِ الإِنْسَانِيَّةِ، لابُدَّ أَنْ تُؤَدِّيَهُ، وَأَنْ تَقُومَ بِهِ (?).
وكَانَ مِنْ خَبَرِ هَذَا الحَادِثِ أَنَّ أَبْرَهَةَ الأَشْرَمَ عَامِلُ النَّجَاشِيِّ عَلَى اليَمَنِ بَنَى بِصَنْعَاءَ كَنِيسَةً عَظِيمَةً، لَمْ يُرَ مِثْلُهَا في زَمَانِهَا بِشَىْءٍ مِنَ الأَرْضِ، سَمَّاهَا القُلَّيْسَ (?)، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ: إنِّي قَدْ بَنَيْتُ لَكَ أيُّهَا المَلِكُ كَنِيسَةً لَمْ يُبْنَ مِثْلُهَا لِمَلِكٍ كَانَ قَبْلَكَ، ولَسْتُ بِمُنْتَهٍ حتَّى أَصْرِفَ إلَيْهَا حَجَّ العَرَبِ.
فلَمَّا تَحَدَّثَتِ العَرَبُ بِكِتَابِ أبْرَهَةَ ذَلِكَ إِلَى النَّجَاشِيِّ، سَمِعَ رَجُلٌ مِنْ