رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى السَّمعِ وَالطَّاعَةِ فِي المَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَأَنْ لَا نُنَازعَ الأمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ (?).
وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا المُرَادِ مَا أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُبَادَةَ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ جَرَتْ قِصَّة مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- عِنْدَ مُعَاوِيَةَ -رضي اللَّه عنه- بِالشَّامِ، فَقَالَ عُبَادَةُ -رضي اللَّه عنه-: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنَّكَ لَمْ تَكُنْ مَعَنَا إِذْ بَايَعنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالكَسَلِ، وَعَلَى الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ الحَقَّ، وَلَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ نَنْصُرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا قَدِمَ عَلَيْنَا يَثْرِبَ، فنَمنَعُهُ مِمَّا نَمنَعُ مِنْهُ أَنْفُسَنَا، وَأَزْوَاجَنَا، وَأَبْنَاءَنَا، وَلَنَا الجَنَّةُ، فَةذ بَيْعَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- التِي بَايَعنَاهُ عَلَيْهَا (?).
فَهَذَا هُوَ الذِي وَقَعَ فِي هَذِهِ البَيْعَةِ الأوْلَى، ثُمَّ صَدَرَتْ مبايَعَات أُخْرَى، مِنْهَا هَذِهِ البَيْعَةُ التِي فِي حَدِيثِ البَابِ فِي الزَّجْرِ عَنِ الفَوَاحِشِ المَذْكُورَةِ، وَالذِي يُقَوِّي أَنَّهَا وَقَعَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ الآيَةُ التِي فِي المُمتَحِنَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (?).