فَلَمَّا صَدَرَ (?) النَّاسُ رَجَعَتْ بَنُو عَامِرٍ إِلَى شَيْخٍ لَهُمْ، قَدْ كَانَتْ أَدْرَكَتْهُ السِّنُّ، حَتَّى لَا يَقْدِرَ أَنْ يُوَافِيَ مَعَهُمُ المَوَاسِمَ، فكَانُوا إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِ حَدَّثُوهُ بِمَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ المَوْسِمِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ العَامَ سَأَلَهُمْ عَمَّا كَانَ فِي مَوْسِمِهِمْ، فَقَالُوا: جَاءَنَا فَتًى مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، يَدْعُونَا إِلَى أَنْ نَمْنَعَهُ، وَنَقُومَ مَعَهُ، وَنَخْرُجَ بِهِ إِلَى بِلَادِنَا.

فَوَضَعَ الشَّيْخُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا بَنِي عَامِرٍ! هَلْ لَهَا مِنْ تَلَافٍ؟ هَلْ لِذُنَابَاهَا مِنْ مَطْلَبٍ (?)؟ وَالذِي نَفْسُ فُلَانٍ بِيَدِهِ، مَا تَقَوَّلَهَا إِسْمَاعِيلِيٌّ (?) قَطُّ، وَإِنَّهَا لَحَقٌّ، فَأَيْنَ رَأْيُكُمْ كَانَ عَنْكُمْ (?).

قَالَ الدُّكْتُورُ مُحَمَّدٌ أَبُو شَهْبَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَفِي هَذِهِ القِصَّةِ دِلَالَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى صِدْقِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَوْ كَانَ طَالِبَ مُلْكٍ، أَوْ جَاهٍ، أَوْ يَتَّجِرُ بِالمَبَادِئِ يَصْنَعُ كَمَا يَصْنَعُ دِهَاقِينُ (?) السِّيَاسَةِ فِي القَدِيمِ، وَالحَدِيثِ مِنْ اسْتِمَالَةِ النَّاسِ بِالأحَادِيثِ الكَاذِبَةِ، وَالوُعُودِ الخَادِعَةِ البَرَّاقَةِ، وَيُمَنِّيهِم الأمَانِي الفَارِغَةَ حَتَّى إِذَا تَمَّ لَهُ مَا أَرَادَ نَسِيَ مَا قَالَ، وَرَجَعَ فِي وُعُودِهِ، بَلْ قَدْ يَتَنَكَّرُ لَهُمْ، وُيُسَفِّهَ عَلَيْهِمْ، وَيُنَكِّلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015