* هِمَّةٌ عَجِيبَةٌ:

هَلْ تَرَوْنَ كُلَّ هَذِهِ المَصَائِبَ والأَهْوَالَ أثَّرَتْ في عَزِيمَةِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ أَوْ نَقَصَتْ مِنْ إيمَانِهِ بِدَعْوَتِهِ وحَمَاسَتِهِ لَهَا؟

. . . واسْتَمَرَّ هَذَا البَلَاءُ، وامْتَدَّ، لَا يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ، وَلَا أُسْبُوعًا، وَلَا شَهْرًا، امْتَدَّ سَنَوَاتٍ طِوَالًا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلا غَيْرَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لقالَ: حَسْبِي. لَقَدْ عَمِلْتُ مَا عَلَيَّ، وبَذَلْتُ الجُهْدَ، فَإِذًا النَّجَاحُ مُسْتَحِيلٌ، وَقَدْ آنَ لِي أَنْ أَنْسَحِبَ، وَأَقْعُدَ في بَيْتِي.

ولَكِنَّ الِانْسِحَابَ لَا مَكَانَ لَهُ في مَنْهَجِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكَلِمَةُ مُسْتَحِيلٌ لَا وُجُودَ لَهَا في مُعْجَمِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَإِذَا لَمْ يَنْجَحْ في مَكَّةَ فَلْيَنْتَقِلْ إِلَى غَيْرِهَا. فَإِنَّ الدَّعْوَةَ لِلدُّنْيَا كُلِّهَا، وَلِلْعُصُورِ كُلِّهَا (?).

* تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ:

وَهُنَا وَقَدْ بَلَغَ الهَوْلُ هَذَا المَبْلَغَ، دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- دُعَاءً، مَا تَلَوْتُهُ مَرَّةً إِلَّا فَاضَتْ عَيْنَايَ، ومَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَسْمَعُهُ ويَفْهَمُهُ، يَمْلِكُ قَلْبَهُ أَنْ يَسِيلَ مِنَ الرِّقَّةِ دَمْعًا مِنْ عَيْنَيْهِ (?).

فَلَمَّا اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الْحَائِطِ تَوَجَّهَ إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى بِهَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015