هُنَا يَعْرِضُ القُرْآنُ مَشْهَدًا مِنْ مَشَاهِدِ ذَلِكَ اليَوْمِ، يُصَوِّرُ نَدَمَ الظَّالِمِينَ الضَّالِّينَ. يَعْرِضُ عَرْضًا طَوِيلًا مَدِيدًا، يُخَيَّلُ لِلسَّمْعِ أَنَّهُ لَنْ يَنْتهِيَ ولَنْ يَبْرَحَ. مَشْهَدُ الظَّالِمِ يَعَضُّ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ النَّدَمِ، وَالأَسَفِ، وَالأَسَى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}.
ويَصْمُتُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ حَوْلهِ، ويَرُوحُ يَمُدُّ في صَوْتِهِ المُتَحَسِّرِ، ونَبَرَاتِهِ الأَسِيفَةِ، والإيقَاعُ المَمْدُودُ يَزيدُ المَوْقِفَ طُولًا ويَزِيدُ أثَرَهُ عُمْقًا. حَتَّى لَيَكَادُ القَارِئُ لِلْآيَاتِ، والسَّامِعُ يُشَارِكَانِ في النَّدَمِ والأَسَفِ والأسَى! (?).
وهَذَا الرَّجُلُ هُوَ مِنْ أشْرَافِ القَوْمِ، ومِمَّنْ يُسْتَمَعُ مِنْهُ، وَكَانَ مِمَّنْ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويُصِيبُ مِنْهُ ويَرُدُّ عَلَيْهِ، ونَزَلَ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10)