ومَعَ كُلِّ هَذِهِ الابْتِلَاءَاتِ التِي تَعَرَّضَ لَهَا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، إِلَّا أَنَّ الحَمَاسَ فِيهِمْ كَانَ عَظِيمًا لِدَعْوَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَكُوُنوا يَجْرُؤُونَ عَلَى الجَهْرِ بالقُرْآنِ أَمَامَ قُرَيْشٍ، وأَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بالقُرْآنِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَ رَجُلًا ضَعِيفًا رَقِيقًا، ولَكِنَّهُ فِي المِيزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ أثْقَلُ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ (?).
وَكَانَ -رضي اللَّه عنه- مِنْ أوَائِلِ مَنْ أسْلَمَ، فَقَدْ أخْرَجَ ابنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ، والحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْهُ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَادِسَ سِتَّةٍ مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرُنَا (?).
رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ في فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ مُرْسَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بمَكَّةَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- اجْتَمَعَ يومًا أصْحَابُ رسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقَالُوا: واللَّهِ ما سَمِعَتْ قُرَيْشٌ هَذَا القُرْآنَ يُجْهَرُ لَهَا بِهِ قَطُّ، فَمَنْ رَجُلٌ يُسْمِعُهُمُوهُ؟ .