دُنْيَا، وَإِنَّمَا كَانَ يُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى ذِي الجَلَالِ والإكْرَامِ.
رَوى الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قَالَ أَبُو قُحَافَةَ وَالِدُ أَبِي بَكْرٍ: يا بُنَيَّ إنِّي أرَاكَ تُعْتِقُ رِقَابًا ضِعَافًا، فَلَوْ أنَّكَ إذْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ أعْتَقْتَ رِجَالًا جُلْدًا يَمْنَعُونَكَ، ويَقُومُونَ دُونَكَ؟
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-: يا أبَتِ إنِّي إِنَّمَا أُرِيدُ مَا أُرِيدُ، للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فيه -رضي اللَّه عنه-: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى} (?).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَاتِ: ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ المُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذِهِ الآيَاتِ نَزَلَتْ في أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي اللَّه عنه-، حتَّى إِنَّ بَعْضَهُم حَكَى الإجْمَاعَ مِنَ المُفَسِّرِينَ عَلَى ذَلِكَ، ولا شَكَّ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهَا، وأَوْلَى الأمَّةِ بِعُمُومِهَا، فإنَّ لفظَهَا لفظُ العُمُومِ، وهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)