قَالَ الإِمَامُ ابنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ في تَفْسِيرِهِ: وَدَّ هَؤُلَاءِ المُشْرِكُونَ يَا مُحَمَّدُ لَوْ تَلِينُ لَهُمْ في دِينِكَ بِإِجَابَتِكَ إيَّاهُمْ إِلَى الرُّكُونِ إِلَى آلِهَتِهِمْ، فَيَلِينُونَ لَكَ في عِبَادَتِكَ إِلَهَكَ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثنَاؤُهُ: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الدُّهْنِ شَبَّهَ التَّلْيِينَ في القَوْلِ بِتَلْيِينِ الدُّهْنِ (?).
قَالَ ابنُ إسْحَاقٍ: اعْترَضَ رسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهُوَ يَطُوفُ بِالكَعْبَةِ -فِيمَا بَلَغَنِي- الأَسْوَدُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ أسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى، والوَليدُ بنُ المُغِيرَةِ، وأُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ، والعَاصُ بنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ، وكانُوا ذَوِي أَسْنَانٍ (?) في قَوْمِهِمْ، فقَالُوا: يا مُحَمَّدُ هَلُمَّ فَلْنَعْبُدْ مَا تَعْبُدُ، وتَعْبُدُ ما نَعْبُدُ، فنَشْتَرِكَ نَحْنُ وَأَنْتَ فِي الأَمْرِ، فَإِنْ كَانَ الذِي تَعْبُدُ خَيْرًا مِمَّا نَعْبُدُ، كُنَّا قَدْ أَخَذْنَا بِحَظِّنَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَا نَعْبُدُ خَيرًا مِمَّا تَعْبُدُ، كُنْتَ قَدْ أخَذْتَ بِحَظِّكَ مِنْهُ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (?).
أيْ: إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ، إِلَّا أَنْ أعْبُدَ مَا تَعْبُدُونَ، فَلا حَاجَةَ لِي بِذَلِكَ مِنْكُمْ، لَكُمْ دِينُكُمْ جَمِيعًا وَليَ دِينِ (?).