فَعِنْدَ ذَلِكَ أَحَسَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِخِفَّةٍ، فَخَرَجَ مُتَوَكِّئًا عَلَى الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَاصِبًا رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ (?) دَسْمَاءَ (?)، وَعَلَيْهِ مَلْحَفَةٌ مُتَعَطِّفًا بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ، حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، ثُمَّ جَلَسَ -وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ حَوْلَهُ-، فَقَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ الذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ أُحُدٍ (?)، ثُمَّ قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ"، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-، وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وأمهاتنا، فَعَجِبَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقَالُوا: مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ! إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ.

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ -رضي اللَّه عنه- رَاوِي الْحَدِيثِ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هُوَ الْعَبْدُ (?)، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015