كَذَلِكَ ظَهَرَ في بَنِي أَسَدٍ في حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُتَنبَّئٌ ثَالِثٌ، هُوَ طُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيُّ، وَكَانَ قَدْ وَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعَ قَوْمِهِ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ ارْتَدَّ، وَادَّعَى النُّبُوَّةَ، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ، فكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَدْعُوهُ إِلَى الْمُوَادَعَةِ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ضِرَارَ بْنَ الْأَزْوَرِ إِلَى عُمَّالِهِ عَلَى بَنِي أَسَدٍ وَأَمَرَهُمْ بِقِتَالِ مَنِ ارْتَدَّ، وَلَمْ يَلْبَثِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ حَتُّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
فَلَمَّا كَانَتْ خِلَافَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي اللَّه عنه-، بَعَثَ إِلَيْهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ -رضي اللَّه عنه-، فَسَارَ إِلَيْهِ خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه-، فَقَاتَلَ طُلَيْحَةَ فَهَزَمَهُ، وَهَرَبَ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَشَهِدَ مَعْرَكَةَ القادِسِيَّةِ، فَأَبْلَى بِهَا بَلَاءً عَظِيمًا (?).
قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} (?).