وَظَهَرَ في صَنْعَاءَ بِالْيَمَنِ الْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ، فَادَّعَى النُبوَّةَ أَيْضًا، وَتبِعَهُ قَوْمُهُ بَنُو عَبْسٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي مَذْحَجٍ، وَسَمَّى نَفْسَهُ "رَحْمَانَ الْيَمَنِ".
وَاسْمُ الْأَسْوَدِ هَذَا عَبْهَلَةُ بْنُ كَعْبٍ، وَإِنَّمَا لُقِّبَ الْأَسْوَدَ، لِأَنَّهُ كَانَ أَسْوَدَ الْوَجْهِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا: ذُو الْخِمَارِ، لِأَنَّهُ كَانَ يُخَمِّرُ وَجْهَهُ دَائِمًا (?).
وَكَانَ الْأَسْوَدُ كَاهِنًا مُشَعْوِذًا، وَكَانَ يُرِي قَوْمَهُ الْأَعَاجِيبَ، وَيَسْبِي قُلُوبَ مَنْ سَمِعَ مَنْطِقَهُ (?).
وَكَانَ أَوَّلُ خُرُوجِهِ بَعْدَ عَوْدَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَكَاتَبَتْهُ مَذْحَجٌ، وَوَاعَدُوهُ نَجْرَانَ، فَوَثَبُوا عَلَيْهَا، وَأَخْرَجُوا عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ، وَخَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَامِلَا رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَنْزَلُوهُ مَنْزِلَهُمَا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبِ الْأَسْوَدُ أَنِ اسْتَوْلَى عَلَى صَنْعَاءَ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا الْمُهَاجِرَ بْنَ أُمَيَّةَ -رضي اللَّه عنه- عَامِلَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَخَذَهَا، ثُمَّ قَوِيَ أَمْرُهُ بِمَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (?).