ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ في السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِلْهِجْرَةِ مَعَ قَوْمِهِ بَنِي حَنِيفَةَ، وَأَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ حَتَّى يَتَّبِعَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلِكَ، فَلَمَّا رَجَعَ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ إِلَى الْيَمَامَةِ أَخَذَ مُسَيْلِمَةُ يُفَكِّرُ في أَمْرِهِ حَتَّى ادَّعَى أَنَّهُ أُشْرِكَ في الْأَمْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَادَّعَى النُّبُوَّةَ.
وَشَهِدَ لَهُ الرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ (?) قَبَّحَهُ اللَّهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَشْرَكَهُ في الْأَمْرِ مَعَهُ، فَافْتَتَنَ النَّاسُ بِهِ.
وَكَانَ الرَّجَّالُ قَدْ وَفَدَ مَعَ قَوْمِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ سُوَرًا مِنَ الْقُرْآنِ، وَفَقِهَ في الدِّينِ، فَرَآه رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمًا مَعَ فُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ فِيكُمْ لَرَجُلًا ضِرْسُهُ فِي النَّارِ