قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَلَعَلَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَرَكَ الطَّوَافَ تَطَوُّعًا خَشْيَةَ أَنْ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُحِبُّ التَّخْفِيفَ عَلَى أُمَّتِهِ، وَنُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (?).
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُدَّةَ إِقَامَتِهِ هُنَاكَ إِلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالْهَاجِرَةِ (?) إِلَى الْبَطْحَاءِ (?)، فتَوَضَّأَ (?)، وَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ (?)، وَكَانَ يَمُرُّ مِنْ وَرَائِهَا الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ، ثُمَّ قَامَ النَّاسُ، فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَهُ، فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، فَأَخَذْتُ يَدَهُ، فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ (?).