عَاتَبَ اللَّه تَبارَكَ وتَعَالَى فِيهِ نَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَتْ: أَتَى النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَعِنْدَهُ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَيْهِمَا، فنَزَلَتْ: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى. . .} ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ (?).
قَالَ الإِمَامُ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّمَا قَصَدَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَأْلِيفَ هَؤُلَاءِ الكُفَّارِ، ثِقَةً بِمَا كَانَ فِي قَلْبِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ مِنَ الإِيمَانِ، كَمَا قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ: "إنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يُكِبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ" (?).
ومَعَ ذَلِكَ فَقَدْ عَاتَبَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعَالَى حَبِيبَهُ ونَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى لَا تَنْكَسِرَ قُلُوبُ أَهْلِ الصُّفَّةِ (?)، أَوْ لِيُعْلَمَ أَنَّ المُؤْمِنَ الفَقِيرَ خَيْرٌ مِنَ الغَنِيِّ الكَافِرِ، وكَانَ النَّظَرُ إِلَى المُؤْمِنِ أوْلَى، وإنْ كَانَ فَقِيرًا أصْلَحُ وأَوْلَى مِنَ الأَمْرِ الآخَرِ، وهُوَ الإِقبالُ عَلَى الأَغْنِيَاءِ طَمَعًا في إيمَانِهِمْ، وإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا نَوْعًا مِنَ المَصْلَحَةِ (?).