اعْتَمَدَ عَلَيْهِ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-، ثُمَّ عُثْمَانُ -رضي اللَّه عنه-، ثُمَّ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه-.
وَأَمَّا الْخَوَارجُ وَالرَّوَافِضُ فَطَعَنُوا فِيهِ، وَنَسَبُوهُ إِلَى الْغَفْلَةِ، وَعَدَمِ الْفِطْنَةِ لِمَا صَدَرَ مِنْهُ فِي التَّحْكِيمِ بِصِفِّينٍ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِي وَغَيْرُهُ: وَالْحَقَّ أنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي وَصْفَهُ بِذَلِكَ، وَغَايَةُ مَا وَقَعَ مِنْهُ -رضي اللَّه عنه- أَنَّ اجْتِهَادَهُ أَدَّاهُ إِلَى أَنْ يَجْعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَنَحْوِهِمْ؛ لَمَّا شَاهَدَ مِنَ الِاخْتِلَافِ الشَّدِيدِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ بِصِفِّينٍ، وَآلَ الْأَمْرُ إِلَى مَا آلَ إِلَيْهِ (?).
رَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي اللَّه عنه- حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: "إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ (?) أَمْوَالهمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ" (?).