عَيْنِي بِسُوقِ ذِي المَجَازِ يقُولُ: "يا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا"، ويَدْخُلُ في فِجَاجِهَا (?)، والنَّاسُ مُقْتَصُّونَ (?) علَيْهِ، فمَا رأيْتُ أحَدًا يقُولُ شَيْئًا، وهُوَ لا يَسْكُتُ يَقُولُ: "أيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا" إِلَّا أَنَّ وَرَاءَهُ رَجُلًا أحْوَلَ وَضِيئَ الوَجْهِ ذَا غَدِيرَتَيْنِ (?) يقُولُ: إنَّهُ صَابِئٌ (?) كَاذِبٌ، فقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قالُوا: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ وهُوَ يَذْكُرُ النُّبُوَّةَ، قُلْتُ: مَنْ هذَا الذِي يُكَذِّبُهُ؟ قالُوا: عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ (?).
وأدَّى ذلِكَ إِلَى أَنْ صَدَرَتْ (?) العَرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَوْسِمِ، فَانْتشَرَ ذِكْرُ رسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في بِلَادِ العَرَبِ كُلِّهَا، وخَشِيَ أَبُو طَالِبٍ دَهْمَاءَ العَرَبِ (?) أَنْ يَرْكَبُوه مَعَ قَوْمِهِ، فقَالَ قَصِيدَتَهُ المَشْهُورَةَ التِي تَعَوَّذَ فِيهَا بِحَرَمِ مَكَّةَ وبِمَكَانِهِ مِنْها، وتَوَدَّدَ فِيهَا أشْرَافَ قَوْمِهِ، وهُوَ عَلَى ذَلِكَ يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُسَلِّمٍ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا تَارِكَهُ لِشَيْءٍ أبَدًا حتَّى يَهْلِكَ دُونَهُ. فقَالَ: