وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، مَا بَيْنَ رُكبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ، بِالْحَدِيدِ، قُلْنَا:
وَيْلَكَ! مَا أَنْتَ؟ .
قَالَ: قَدْ قَدِرْتُمْ عَلَى خَبَرِي، فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟ .
قَالُوا: نَحْنُ أُناسٌ مِنَ الْعَرَبِ، رَكبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحرِيةٍ، فَصَادَفَنَا الْبَحْرُ حَتَّى اغْتَلَمَ (?)، فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأَنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ، فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كثِيرُ الشَّعْرِ، لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دبرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعْرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ! مَا أَنْتِ؟
فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، قُلْنَا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟
قَالَتْ: اعمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ، فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا مِنْهَا، وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً.
فَقَالَ: أَخْبِرُوني عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ (?)، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِها تَسْتَخْبِرُ؟
قَالَ: أَسْالكُم عَنْ نَخْلِها، هَلْ يُثْمِر؟
قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ، قَالَ: أَخْبِرُوني عَنْ بُحَيْرَةِ