وَكَانَ خُرُوجُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى تَبُوكَ فِي رَجَبٍ، وَعَوْدَتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي رَمَضَانَ (?) ضُحًى، وَكَانَ قَلَّمَا يَقْدُمُ مِنْ سَفَرٍ سَافَرَهُ إِلَّا ضُحًى، وَكَانَ يَبدَأُ بالْمَسْجِدِ، فَأَتَى مَسْجِدَهُ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ (?).
كَانَتْ غَزْوُةُ تَبُوكَ لِظُرُوفِهَا الْخَاصَّةِ بِهَا اخْتِبَارًا شَدِيدًا وَعَسِيرًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تَمَيَّزَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَقَدْ خَرَجَ إِلَى هَذِهِ الْغَزْوَةِ كُلُّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا صَادِقًا، وَصَارَ التَّخُلُّفُ عَنْ هَذِهِ الْغَزْوَةِ أَمَارَةً (?) عَلَى نِفَاقِ الرَّجُلِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: . . . فكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَطُفْتُ فِيهِمْ أَحْزَنَنِي أنِّي لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفاقُ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ (?).
وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْمُخَلَّفُونَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ: