وأوَّلُ ما نَزَلَ بهَذَا الصَّدَدِ قولُهُ تَعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} (?).
والسُّورَةُ التِي وَقَعَتْ فِيهَا الآيَةُ -وهِيَ سُورَةُ الشُّعَرَاءَ- ذُكِرَتْ فِيهَا أوَّلًا قِصَّةُ مُوسَى عليهِ السَّلامُ مِنْ بِدَايَةِ نُبُوَّتِهِ إِلَى هِجْرَتِهِ مَعَ بَنِي إسْرَائِيلَ، ونَجَاتِهِمْ مِنْ فِرْعَونَ وقَوْمِهِ، وإغْرَاقِ آلِ فِرْعَونَ مَعَهُ، وقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ القِصَّةُ عَلَى جَمِيعِ المَرَاحِلِ التِي مَرَّ بِهَا مُوسَى عَليهِ السَّلامُ خِلالَ دَعْوَةِ فِرْعَونَ وقَوْمِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وهَذَا التَّفْصِيلُ إِنَّمَا جِيءَ بِهِ حِينَ أُمِرَ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِدَعْوَةِ قَوْمِهِ إِلَى اللَّهِ، لِيَكُونَ أَمَامَهُ، وأَمَامَ أَصْحَابِهِ نَمُوذَجًا لِمَا سَيَلْقَونَهُ مِنَ التَّكْذِيبِ، والِاضْطِهَادِ حِينَمَا يَجْهَرُونَ بالدَّعْوَةِ، ولِيَكُونُوا عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أمْرِهِمْ مُنْذُ بِدَايَةِ دَعْوَتِهِمْ.