بَعَثَ إِلَيْكَ الْوَليدَ بْنَ عُقْبَةَ، فَزَعَمَ أَنَّكَ مَنَعْتَهُ الزَّكَاةَ، وَأَرَدْتَ قَتْلَهُ! قَالَ: لَا وَالذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ، مَا رَأَيْتُهُ بَتَّةً، وَلَا أَتَانِي! فَلَمَّا دَخَلَ الْحَارِثُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَهُ: "مَنَعْتَ الزَّكَاةَ وَأَرَدْتَ قَتْلَ رَسُولِي؟ ! "، قَالَ: لَا وَالذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا رَأَيْتُهُ وَلَا أَتَانِي، وَمَا أَقْبَلْتُ إِلَّا حِينَ احْتَبَسَ عَلَيَّ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ كَانَتْ سَخْطَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ، فنَزَلَتْ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (?).
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ في الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- علَى صَدَقَاتِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ. . . وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ، مِنْهُمْ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَالضَّحَّاكُ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَغَيْرُهُمْ في هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّهَا نَزَلَتْ في الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (?).