فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- طِيلَةَ السَّنَةِ التَّاسِعَةِ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، يَسْتَقْبِلُ الْوُفُودَ، وَيَبْعَثُ الْعُمَّالَ، وَيَبُثُّ الدُّعَاةَ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا إِلَّا لِغَزْوَةِ تَبُوكَ كَمَا سَيَأْتِي.
وَقَدْ بَلَغَ مَجْمُوعُ الْوُفُودِ مَا يَزِيدُ عَلَى السِّتِّينَ وَفْدًا، وَسَأَذْكُرُ أَهَمَّ هَذِهِ الْوُفُودِ:
قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُطَرِّفُ بْنُ الْكَاهِنِ الْبَاهِلِيُّ بَعْدَ الَفتْحِ وَافِدًا لِقَوْمِهِ بِإِسْلَامِهِمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ بَعَثَ إِلَيْهِمْ أَبَا أُمَامَةَ صُدَيَّ (?) بْنَ عَجْلَانِ الْبَاهِلِيَّ، يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيَعْرِضُ عَلَيْهِمْ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، فَأَبَوا عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَسْلَمُوا عَنْ آخِرِهِمْ.
فَلَمَّا قَدِمَ مُطَرِّفٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَخَذَ لِقَوْمِهِ أَمَانًا، وَكتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كِتَابًا فِيهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَاتِ، ثُمَّ قَدِمَ نَهْشَلُ بْنُ مَالِكٍ الْوَائِلِيُّ مِنْ بَاهِلَةَ وَافِدًا لِقَوْمِهِ، فَأَسْلَمَ، وَكتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَلِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ كِتَابًا فِيهِ شَرَائِعُ الْإِسْلَامُ، هَذَا نَصُّهُ: