قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّي الصُّبْحَ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ صَلَاتِهِ أَتَاُه كَعْبٌ، وَكَانَ رَسُولٌ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ كَعْبَ بْنَ زُهَيْرٍ قَدْ جَاءَ لِيَسْتَأْمِنَ مِنْكَ تَائِبًا مُسْلِمًا، فَهَلْ أَنْتَ قَابِلٌ مِنْهُ إِنْ أَنَا جِئْتُكَ بِهِ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نَعَمْ"، قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! دَعْنِي وَعَدُوَّ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دَعْهُ عَنْكَ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ تَائِبًا نَازِعًا عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ"، ثُمَّ أَنْشَدَ كَعْبٌ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَصِيدَتَهُ الْمَشْهُورَةَ وَالْمَعْرُوفَةَ "بَانَتْ سُعَادُ"، يَقُولُ في مَطْلَعِهَا:
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ ... مُتَيَّمٌ إِثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ
وَمِنْهَا:
نُبِّئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَوْعَدَنِي ... وَالْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَأْمُولُ
مَهْلًا هَدَاكَ الذِي أَعْطَاكَ نَافِلَةَ ... الْقُرْآنِ فِيهَا مَوَاعِيظٌ وَتَفْصِيلُ
لَا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ وَلَمْ ... أُذْنِبْ وَلَوْ كَثُرَتْ فِيَّ الْأَقَاوِيلُ
وَمِنْهَا:
إِنَّ الرَّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ ... مُهَنَّدٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ مَسْلُولُ
في عُصْبَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ ... بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا