قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: فَظَهرَتْ بِهذَا الْحِكْمَةُ فِي حِرمَانِ جُعَيْلِ بْنِ سُرَاقَةَ -رضي اللَّه عنه-، وَإِعْطَاءَ غَيْرِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِمَصلَحَةِ التَّأْلِيفِ (?).

وَقَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّد الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: كَانَتْ هَذِهِ الْقِسْمَةُ مَبْنِيَّةً عَلَى سِيَاسَةٍ حَكِيمَةٍ، فَإِنَّ فِي الدُّنْيَا أَقْوَامًا كَثِيرِينَ يُقَادُونَ إِلَى الْحَقِّ مِنْ بُطُونِهِمْ لَا مِنْ عُقُولِهِمْ، فَكَمَا تُهْدَى الدَّوَابُّ إِلَى طَرِيقِهَا بِحِزْمَةِ برسِيمٍ تَظَلُّ تَمُدُّ إِلَيْهَا فَمَهَا حَتَّى تَدْخُلَ حَظِيرَتَها آمِنَةً، فكَذَلِكَ هَذِهِ الْأَصْنَافُ مِنَ الْبَشَرِ تَحْتَاجُ إِلَى فُنُونٍ مِنَ الْإِغْرَاءَ حَتَّى تَسْتَأْنِسَ بِالْإِيمَانِ، وَتَهُشَّ له، وَقَدْ خَفِيَتْ هَذِهِ الْحِكْمَةُ أَوَّلَ الْأَمْرِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَصحَابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى قَالَتِ الْأَنْصَارُ مَا قَالَتْ، وَحَتَّى قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي اللَّه عنه- مَا قَالَ فِي جُعَيْلِ بْنِ سُرَاقَةَ -رضي اللَّه عنه-، فَلَمَّا اسْتَبَانَ لَهُمُ الْأَمْرُ صَارُوا بِالذِي سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَقَرَّ عَيْنًا، وَأَشَدَّ اغْتِبَاطًا مِنْهُمْ بِالْمَالِ (?).

* قِصَّةُ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ -رضي اللَّه عنه-، وَحَدِيثُ: "مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ":

رَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: اشْتَرَيْتُ أَنَا وَأَخِي مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ سِهَامِ حُنَيْنٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015